عقب الزلزال المروع الذي ضرب المغرب، قبلت السلطات المغربية مساعدة من 4 دول صديقة للقيام بالمهام الأولى. ما تلا ذلك كان جدلا أثارته وأججته وسائل الإعلام الفرنسية والذي يتمثل في التشكيك في قرارات السلطات الوطنية. وضعت وزيرة الخارجية الفرنسية الأمور في نصابها الصحيح، مذكرة بأن السلطات المغربية تتصرف بسيادة كاملة في تدبير هذه المأساة الرهيبة.
ويبدو أن هذا لم يكن كافيا، لأن رئيس الجمهورية الفرنسية نفسه أصر على إلقاء خطاب يهدف إلى إسكات هذا الجدل. لكن بقيامه بذلك، ارتكب خطأً لا يصدق على الإطلاق: لقد تحدث مباشرة إلى المواطنين المغاربة!
منذ متى يتحدث رئيس دولة ما مباشرة إلى مواطني دولة أخرى ذات سيادة؟ هناك تفسير واحد فقط: الشعور الاستعماري لا يزال موجودا عند المسؤولين الفرنسيين، والجدل الذي أثارته وسائل الإعلام الفرنسية ليس سوى مثال على ذلك. ومن المفيد أن نذكر أن العديد من الدول - بما في ذلك الولايات المتحدة، وألمانيا، وكندا، وتركيا، والجزائر، وسويسرا، وبلجيكا، وإيطاليا، وبولندا، والعراق، والأردن، والتشيك - قدمت مساعدتها، لكن لم يعلق أي منها على قرارات السلطات المغربية. لقد حان الوقت لكي يتخلى المسؤولون الفرنسيون عن هذا الموقف الاستعماري. وآمل أن تواجه السلطات المغربية هذه السلوك غير المقبول، سواء بعدم الرد على هذا الخطاب، أو بتكليف، مثلا، مدير الشؤون الأوروبية بوزارة الخارجية بالقيام بذلك.
و في حقيقة الامر، إن هذا الجدل يكشف أمرين. أولا، وصل المغرب إلى مرحلة تسمح له، خاصة في فترة كوارث طبيعية، بإدارة الوضع بسيادة كاملة، وخاصة الاحتفاظ بالمساعدات التي تدخل في إطار استراتيجيته. ومن الجدير بالذكر أن دولًا أخرى وصلت إلى هذه المرحلة من قبل، بما في ذلك البرازيل والصين وإيران وباكستان والهند.
ثانياً، تنظر الدول الغربية إلى هذا الوضع الجديد بفزع، كما ظهر بالفعل عندما قررت الهند رفض المساعدات الخارجية في عام 2004، الأمر الذي كان بمثابة صدمه لها.
والآن يقوم المغرب بنفس الشيء! من الجدير بالذكر أن وسائل الإعلام الغربية أظهرت، بدرجات متفاوتة، نفس "عدم الفهم" (1) فيما يتعلق بقرارات السلطات المغربية. لكن رد الفعل الأكثر ضراوة كان رد فعل فرنسا، التي لم تفهم كيف يمكن لهؤلاء "الاهالي" او "الاندجان" أن يرفضوا مساعدتهم. وهذا ما يسمى بالروح الاستعمارية.
شيء واحد مؤكد: أن الشعوب يستعيدون سيادتهم التي سلبت منهم منذ زمن طويل. والدول التي لا تفهم هذا سيمظي عليها التاريخ.
بنيونس سعيدي
تردد المغرب عن قبول مساعدات الزلزال يحير الحكومات الأجنبية" واشنطن بوست، 11 سبتمبر 2023
Comments
Post a Comment